فصل: فصل في الحصبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في الحصبة:

اعلم أن الحصبة كأنها جدري صفراوي لا فرق بينهما في أكثر الأحوال إنما الفرق بينهما أن الحصبة صفراوية وأنها أصغر حجماً وكأنها لا تجاوز الجلد ولا يكون لها سمك يعتد به وخصوصاً في أوائله.
والجدري يكون له في أول ظهوره نتو وسمك وهي أقل من الجدري وأقل تعرضاً للعين من الجدري وعلامات ظهورها قريبة من علامات ظهور الجدري لكن التهوع فيها أكثر والكرب والاشتعال أشد ووجع الظهر أقل لأن ميله في الجدري للامتلاء الدموي الممدد للعرق الموضوع إلى الظهر فإن تولد الجدري هو لكثرة الدم الفاسد والحصبة لشدة رداءة الدم وعلامات سلامتها مثل علامات سلامة الجدري فإن السريع البروز والظهور والنضج سليم والصلب والأخضر والبنفسجي رديء وما كان بطيء النضج متواتر الغشي والكرب فهو ناقل وما غاب أيضاً عفعة فهو رديء مغشي.
العلاج: يجب في الجدري أن تبادر فتخرج الدم إخراجاً كافياً إذا احتمل الشرائط وكذلك إن كانت الحصبة مع امتلاء من الدم ومدة ذلك إلى الرابع فإذا برز الجدري فلا ينبغي أن تشتغل بالفصد اللهم إلا أن تجد شدة امتلاء به وغلبة مادة فتفصد مقدار ما يخفف.
وأوفق ما يستعمل في هذه العلة الفصد وإن فصد عرق الأنف نفع منفعة الرعاف وحمّى النواحي العالية عن غائلة الجدري وكان أسهل على الصبيان وإذا وجب الفصد فلم يفصد أيضاً بالتمام خيف فساد طرف وكذلك قد يخاف مثله على من تدام تطفيته جداً.
ويجب أن يغذى فيهما أولاً بما فيه تقوية مع ردع وتطفية من غير عقل للطبيعة وتغليظ للدم مثل العنابية بالتمر الهندي والطلعية والعدسية واسفيذباجة وما فيه تليين غير شديد ولذلك يجب أن يكون مع هذه التمر الهندي وما يوافقه والقرعية والبطيخ الرقي بل يجب أن تكون الطبيعة لينة في الأول وأفضل ما يلين به التمر الهندي وإن لم يجب به زيد عليه الشيرخشت مع رفق واحتراز أو ترنجبين أو نقوع الإجاص وقد ينفع أن يسقى مع أول آثار الجدري وزن ثلاثة دراهم من رب الكدر مع قرص من أقراص الكافور وشراب الطلع شديد المنفعة في مثل هذا الوقت فإذا تمادت العلة وجاوز اليوم الثاني وأخذ الجدري.
يظهر فربما كان التبريد سبباً لخطأ عظيم بما يحبس الفضل داخلاً ويحمل به على الأعضاء الرئيسة وبما لا يمكنه من البروز والظهور ويحدث قلقاً وكرباً وربما أحدث غشياً بل يجب أن يعين العضل في مثل هذه الحال بما يعليه ويفتح السدد مثل الرازيانج والكرفس مع السكر عصارة أو طبيخ أصول وبزور.
وربما أشم شيئاً من الزعفران وماء التين جيد جداً فإن التين شديد الدفع إلى الظاهر وذلك أحد أسباب الخلاص من مضرته.
ومما ينفع جداً في هذا الوقت أن يؤخذ من اللك المغسول وزن خمسة دراهم ومن العدس المقشر وزن سبعة دراهم ومن الكثيراء وزن ثلاثة دراهم يطبخ بنصف رطل ماء إلى أن يبقى ربع رطل ويسقى ومما هو شديد المعونة على إظهار الجدي أن يؤخذ من التينات الصفر سبعة دراهم ومن العدس المقشر ثلاثة دراهم ومن اللك ثلاثة دراهم ومن الكثيراء وبزر الرازيانج درهمين درهمين يطبخ برطل ونصف ماء حتى يبقى منه قريب من الثلث ويصفى ويسقى منه فيدفع الحرارة عن نواحي القلب ويمنع الخفقان ويجب أن لا يقربه في هذا الوقت دهن البتة.
ويجب أن يدثر ويبعد من الهواء البارد وخصوصاً في الشتاء ويعمل به ما يعمل بالمستعرق فإن البرد يسد المسام ويرد المواد إلى وراء وكثرة شرب الماء المبرد بالثلج ودخول الخيش رديء جداً له وربما كان الفصد رديئاً لاسترداده وصرفه ما يبرز فليتوق بعد يومين وثلاثة وإذا عرض من التدثير والتسخين كالغشي أو كان يعرض الغشي فلا بد من تبريد الهواء المنشوق خاصة والفزع إلى رائحة الكافور والصندل وإن لم يكن بدّ من كشف البدن للخيش أو للهواء البارد قليلاً فعل وكذلك إذا كانت المعونة بالتسخين أو بترك التبريد ومبادرته إلى الخروج لا تجد معه خفة بل تجد الحرارة مشتعلة واللسان إلى السواد فإياك والتسخين.
ويجب أن يجتنب أصحاب الجدري والحصبة تضميد البطن فإن في ذلك خطرين أْن يضيق النفس على المكان وأن يعرض إسهال رديء وبول دم وفي آخره يجب أن تحفظ الطبيعة ويطعم بدل العدس كما هو العدس المسلوق سلقات بتجديد الماء وبدل العدس المحمّض بالتمر الهندي العدس المحمض بماء الرمان والسماق أو الحصرم أو نحوه فأما الأدوية المغلظة للدم المبرّدة له المانعة إياه عن الغليان المأمور بها في الأول فمثل ربّ الريباس والحصرم ومياه الفواكه الباردة وشراب الكدر خاصة وشراب الطلع والطلع نفسه والجمار ولشراب الكدر نسخ كثيرة ذكرناها في القراباذين ونحن نذكر ههنا نسخة عجيبة قوية وهي التي تتخذ بماء الرائب المحض ونسخته: يؤخذ من ربّ الكدر جزءان فإن لم يحضر أخذ الكدر ونشر وأخذ نشارته أو دق وأخذ مدقوقه وأديف مع نصفه صندل في الخلّ المقطر أو في ماء الحصرم الصرف أياماً ثم طبخ فيها طبخاً بالرفق مع طول حتى يتهرى ثم يعصر ويؤخذ من العصارة وكلما كان الخل أو ماء الحصرم أكثر فهو أجود ثم يؤخذ ماء الدوغ المخيضر المنزوع من جبنية الدوع إما بترويق بالغ أو يطبخ كطبخ ماء الجبن حتى تنعزل المائية ثم يؤخذ دقيق الشعير ويتخذ منه ومن ماء الرائب فقاع ويحمض ذلك الفقّاع ثم يروق ثم يجمّد اتخاذ الفقاع منه ومن دقيق الشعير ويحمّض وكلما كرر كان أجود فيؤخذ منه خمسة أجزاء ويؤخذ من ماء الكمّثري الصيني وماء السفرجل الحامض الكثير الماء وماء الرمان الحامض وماء التفاح الحامض الكثير الماء وماء الزعرور وماء الليمون وماء الإجاص الحامض وماء الطلع المعصور وماء الكندس الطبري وماء التوت الشامي الذي لم ينضج تمام النضج وماء المشمش الفج الحامض وعصارة الحصرم وعصارة الريباس وعصارة عساليج الكرم وعصارة الورد الفارسي وعصارة النيلوفر وعصارة البنفسج من كلّ واحد ثلث جزء ومن عصارة حماض الأترج ومن عصارة حماض النارنج من كل واحد ثلثي جزء ومن عصارة الكزبرة والخس وورق الخشخاش الرطب والهندبا والبقلة الحمقاء من كل واحد ربع جزء من عصارة الكزبرة والخس وورق الخشخاش الرطب والهندبا والبقلة الحمقاء من كل واحد ربع جزء من عصارة ورق الخلاف وورق التفاح وورق الكمثري وورق الزعرور وورق الورد وورق عصا الراعي من كل واحد ربع جزء ومن عصارة لحية التيس ومن الورد اليابس ومن النيلوفر اليابس ومن عصارة الأمير باريس اليابس ومن بزر الهندبا وبزر الخس والجلنار والنيلوفر والورد من كل واحد نصف عشر جزء من عصارة النعناع الرطب سدس جزء ومن عصارة الأمير باريس الرطب نصف جزء تجمع الأدوية والعصارات وتركب على النار ويُلقى فيها من العدس أربعة أجزاء ومن الشعير المقشر جزءان ومن السمّاق ثلاثة أجزاء ومن حبّ الرمان ثلاثة أجزاء ويطبخ الجميع على النار حتى يبقى النصف ثم يترك حتى يبرد ويمرس بقوة ويصفى ويؤخذ من الكافور لكل وزن ثلاثمائة درهم وزن مثقال فيسحق الكافور ويذرّ على أصل قرعة أو قنينة ويصبّ عليه الدواء بالرفق ثم يُصم رأسه بشيء شديد القوة ثم يوضع على الجمر حتى تعلم أنه يكاد يغلي ثم يؤخذ ويخضخض ويوح بستوقة ويشدُ رأسها لئلا يضيع الكافور ويطير والشربة منه إلى عشرة دراهم.
ومن الناس من يجعل فيه من السنبل والزنجبيل وبزر الرازيانج والأنيسون والفلفل والسعد أجزاء على قدر ما يرى وإذا خرج الجدري بالتمام وجاوز السابع وظهر فيه النضج فمن الصواب أن يفقَأ بالرفق بإبر من ذهب وتؤخذ الرطوبة بقطنة وأما التمليح فلا بد منه وإذا أردت أن تملح فبعد الملح مما فقأته عن قريب من الكبار المؤلمة فإن ذلك يوجع بل ملح سواها ودعها لينسد بها طريق الفقء ثم ملحها ولا تملح قبل تمام النضج فإن ذلك ربما أحدث ورماً ووجعاً شديداً والتمليح أمر لا بد منه بعد أن ينضج وذلك بماء ملح فيه قوة من زعفران وإن كان ذلك الماء ما الورد فهو أجود وإن كان ماء طُبخ فيه الورد والطرفاء والعدس ثم ملّح فهو غاية وخصوصاً إن جعل فيه أيضاً كافور وصندل فإن التمليح ينضج ويجفف ويسقط بسرعة والتدخين بالطرفاء نافع جداً وفي الشتاء يجب أن تواصل الوقود من الطرفاء وإذا كان الجدري شديد الرطوبة فلا بد من التدخين بالآس وورقه ومن التدبير الجيد عند نضج الجدري والاهتمام بتجفيفه أن ينوِّم المجدور على دقيق الأرز والجاورس والشعير والباقلا وأوفقه أن يجعله حشو مضربة سخيفة تنفذ فيها القوة وورق السوس جيد في ذلك والدهن رديء في هذا الوقت أيضاً لأنه يمنع الجفاف.
وإذا أخذ الجدري يجفّ فيجب أن يطلى بالمعينة عليه كالأدقة المذكورة مع قوة من الزعفران وإذا عرضت قروح من الجدري نفعهم المرهم الأبيض وخصوصاً مخلوطاً بشيء من الكافور وحكاكة أصل القصب بماء الورد أو حكاكة عروق شجر الخلاف أو شجرة الزعرور.
وربما نفع نثر الاسفيذاج والمرداسنج وإذا كانت في الأنف خشكريشة نفع القيروطي المتخذ بدهن الورد الخالص مع قوة الاسفيذاج والإقليما واستعمال الدهن بعد الجفاف وعند التقرّح جيد أما عند الجفاف فيما يسقط بسرعة وأما عند التقرّح فلأنه مادة المراهم والمرهم الأحمر جيد القروح الجدري.

.فصل في مراعاة الأعضاء وحياطتها عن آفة الجدري والحصبة:

الأعضاء التي يجب أنتوقّى آفة الجدري هي الحلق والعين والخياشيم والرئة والأمعاء فإن هذه الأعضاء هي التي تتقرّح.
فأما العين فربما ذهبت وربما عرض عليها بياض.
وأما الحلق فربما عرض فيه خناق وربما عرض من القروح ما يمنع البلع في المريء وربما أدّى إلى أكلة هناك قتّالة.
وأما الخياشيم فربما عرض فيها قروح تسدّ مجرى النسيم.
وأما الرئة فربما عرض فيها من بثور الجدري الحصبة ضيق نفس شديد وربما أوقعت في السلِّ إذا قرحت.
وأما الأمعاء فربما عرض فيها سحج يعسر تلافيه.
وأما حفظ العين فأجوده أن تكحل العين بالمري وماء الكزبرة وقد جعل فيه سمّاق وكافور وخصوصاً في أول يوم والمري أيضاً وحده وكذلك تكحل بكحل مربى بماء الكزبرة وماء السمّاق مجعول فيه كافور وعصارة شحم الرمان جيدة أيضاً في الأول وأما إذا ظهر فالكحل بماء الورد والكافور أوفق فنذكر أن الإكتحال بالنفط الأبيض جيد جداً في ذلك.
ودهن الفستق مما تستعمله النساء في بلادنا بعد الجدري وحدوث آفة في العين فيقلع غمامة إن كانت ويصلح العين والشياف الأبيض جيد عند ظهور البثر.
وأما حفظ الفم والحلق فمثل مص الرمان ومضغ حبه في الابتداء ومصّ التوت الشامي والغرغرة بربه خصوصاً إذا أخذ يشكي وجعاً فيهما وحينئذ يجب أن يعلق رُبه شيئاً بعد شيء.
وأما الخياشيم فبأطلية من الماميثا والصندل وربّ الحصرم والخل واستنشاق الخل وحده شديد المنفعة.
وأما حفظ الرئة فليس له كلعوق من العدس لين مع بزر الخشخاش.
وأما حفظ الأمعاء فأكثر ما يجب أن يحفظ بعد الابتداء وهو بالقوابض وإذا بدا الاستطلاق في آخر العلة عولج بأقراص الطباشير في رب الريباس وأقراص بزر الحماض.

.فصل في قلع آثار الجدري:

هذا سنتكلم فيه أيضاً مرة أخرى عند كلامنا في الزينة.
وأما الآن فنذكر ما هو أوفق وأشد مناسبة مما يقلع آثار الجدري أصول القصب المجفف دقيق الباقلا حكاكة خشب الخلاف حكاكة أصول القصب العنزروت بزر البطيخ وقشوره المجففة الأرز المغسول ماء الشعير بياض البيض الطين المتخلخل المرداسنج السكر الطبرزذ النشا اللوز الحلو اللوز المرّ ومن الأدهان: دهن السوسن دهن الفستق شحم الحمار بدهن الورد وما يشبهه الماء الذي يكون في ظلف الحمل الذي يسوى فإنه غاية ومما هو أقوى زبد البحر حجارة الفلفل القسط الأشق الكندر الصابون البورق العظام المحرقة العظام البالية بزر الفجل دقيق الفجل المجفف الزراوند الترمس.
ومن المطعومات الجيدة المحسّنة للونه: الرمان الحلو الحمص الشراب الطيّب صفرة البيض النميبرشت مرقة الدجج والقباج والفراريج والتدارج السمينة ويجب أن يديم صاحبه الاستحمام ومن المركّبات لذلك: تؤخذ العظام المحرقة وبعر الغنم العتيق والخزف الجديد والنشا وبزر البطيخ والأرزّ المغسول والحمص من كل واحد عشرة ومن حب البان والترمس والقسط والزراوند الطويل من كل واحد خمسة ومن أصول القصب اليابس عشرين يتخذ منه طلاء بماء البطيخ أو بماء القنابر أو ماء الشعير أو ماء الباقلا ويطلى به العضو يغسل من الغد بطبيخ البنفسج.
آخر: يؤخذ خزف جديد عظام بالية أصول القصب الفارسي نشا ترمس بزر البطيخ أرز مغسول حب البان قسط أجزاء سواء يتخذ منه غمرة.
وأيضاً ترمس وحمص أسود.

.فصل في حميات الأورام:

قد علمت حال الحميات التي تتبع الأورام الظاهرة وإنها في الأكثر تكون من جنس حميات اليوم إذ كانت هذه الأورام في الأكثر إنما تتأدى إلى القلب سخونتها دون عفونة ما فيها وأكثر هذا عن أسباب بادية فأما إذا تأدت عفونتها إلى القلب لعظمها أو لقربها فقد صارت الحمى من غير جنس حمى يوم وأكثر أمثالها إنما تكون من أسباب سابقة بدنية وامتلاءات وقد تكون من قروح تتجه إليها مواد خبيثة وتحتبس في اللحوم الرخوة وأما الحميات التي تتبع الأورام الباطنة فإنها لا تكاد تكون من وصول السخونة إلى القلب دون العفونة.
وشر ما تكون الحميات عن الأورام الباطنة إذا كانت من جنس الحمرة في بعض الأحشاء فيشتد الوجع والعطش والالتهاب ويدل عليه دلائل مخالطة المرة الكثيرة للدم وهذه الأورام الباطنة مثل أورام الدماغ وحجبه والصماخ وفي الحلق أحياناً وفي الحجاب الذي يلي الصدر والكبد والكلية والمثانة والرحم والأمعاء وما يشبه ذلك وقد تختلف حمياتها في الشدة والضعف بحسب القرب من القلب والبعد وما كان منها أيضاً في الأعضاء اللحمية فإن حماه تكون أشد.
وما كان في الغشائية ونحوها كانت الحمى أضعف وما كان في جوار الشرايين فإن حماه أشد وما كان في جوار الأوردة وحدها فإن حمّاه أضعف ولا تخلو هذه الحمّيات من أدوار بحسب المواد التي تنصت إلى أورامها بأدوارها بحسب تولدها وبحسب حركتها وبحسب جذب الحرارة والألم إياها فيكون لكل خلط دور يليق به واعلم أن كثيراً ما يبرأ الورم في ذات الجنب وغيره وتبقى الحمى فيدل على أن النقاء لم يقع وهذه الحمّيات إذا طالت أدت إلى الدق وخصوصاً إذا كانت الأورام في الكبد وأما الحجابية فإنها إذا استحكمت لم تمهل إلى الدَق.